نساء شرق كردستان.. حارسات للأرض ومهندسات للزراعة المستدامة

نساء شرق كردستان.. حارسات للأرض ومهندسات للزراعة المستدامة
عمل النساء في الزراعة بكردستان - أرشيف

في قرى شرق كردستان، حيث تجتمع الأرض الجافة والمياه الشحيحة مع تقاليد متجذرة، تنهض النساء من جديد ليعدن لأنفسهن ما سُلب منهن لعقود، فبعد أن كنّ العمود الفقري للزراعة وحماية الأرض، همّشهن النظام الأبوي وحجب أسماءهن خلف سجلات يملكها الرجال. اليوم، يزرعن بفرشاة الأمل وبأدوات الزراعة الحديثة، ويغيرن وجه الحقول والمجتمع معًا.

تقول الإحصاءات الرسمية إن النساء لا يمثلن سوى 5% من المستفيدين من النشاط الزراعي في محافظة أورمية، لكن الحقيقة أوسع من الأرقام، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء. 

وفي السياق، تقول المهندسة الزراعية مريم فخري بور: “غالبية النساء يعملن في كل مراحل الزراعة، من شراء الأرض وحتى الحصاد، لكن الإنجاز يُنسب للرجال. حتى كعاملات موسميات، وجودهن أكبر بكثير مما تشير إليه السجلات”.

الحفاظ على الأرض

التغير المناخي وجشع المستغلين جعلا الأرض أكثر هشاشة، والنساء أكثر إصرارًا، منذ انتفاضة "Jin, Jiyan, Azadî"، بدأ وعي جديد يتشكل، لتتحول الزراعة إلى ساحة نضال من أجل الحق في الأرض وحرية القرار.

شلير عنبري، مزارعة من بوكان، استعادت جزءًا من أرض عائلتها بعد سنوات من النزاع، وحوّلتها إلى نموذج صغير للزراعة الذكية: "أزمة المياه تدفعنا للتغيير.. جربت الري بالتنقيط، واستخدمت أسمدة أفضل، واستفدت من خبرات المهندسات الزراعيات.. الأرض أمانة، وما نزرعه يحدد صحة مجتمعنا".

بينما تستهلك محاصيل مثل الشمندر السكري مياهًا هائلة دون جدوى اقتصادية كبيرة، تتجه مزارعات كثيرات إلى محاصيل أكثر استدامة كالزعفران والفطر والخضروات المحلية.

روجين ف. دخلت عالم الزعفران بعد دورة تدريبية: "جودته هنا أفضل بكثير، وسعره أعلى.. إنه بديل اقتصادي في زمن الجفاف".

أما كجين حربي، فتدير بيتًا بلاستيكيًا لزراعة الفطر والخضروات: "الطلب يتفاوت، لكن هذه المحاصيل ضرورية دائمًا، وامتلاك مساحة زراعية صغيرة منحنا استقلالًا اقتصاديًا".

نساء يحرسن الحياة

النساء في شرق كردستان لا يزرعن الحقول فقط، بل يزرعن فرص البقاء. من زراعة أشجار البلوط في جبال زاغروس، إلى استبدال الزراعة المرهقة للماء بالصناعات اليدوية، تتوسع أدوارهن كحارسات للحياة وركائز للأمن الغذائي.

في كل بذرة يضعنها في التربة، تزرع نساء كردستان حكاية جديدة عن الصمود، حيث تتحول الزراعة من مجرد مهنة إلى فعل مقاومة وبناء مستقبل أكثر عدلًا للأرض ولمن يعتنين بها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية